كلمة السيدة سليمان في حفل تكريم انيسة روضة نجار
أيها الحفل الكريم،
سنوات أنيسة روضة نجار المئة، ليست مجرد رصف للأيام والعقود، بل تكاد تكون شريطاً متواصلاً من الوهج العابق بالحياة.
نلتقي اليوم في صرح الجامعة الأميركية العريقة، لنكرِّم رائدة انطلقت من مقاعد هذه الجامعة بالتحديد قبل نحو ثمانين عاماً، إلى رحاب العمل والزرع في حقول متعدِّدة، حملت فيها مشعل النشاط والكفاح من أجل قضايا مجتمعها.
انخرطت باكراً في الدفاع عن قضايا المرأة، وزاوجت هذه المسيرة مع وعيها الصائب لأهمية تحقيق التنمية الاجتماعية، وخصوصاً في المناطق الريفية، لمواكبة نضال نساء بلادها ودعم حقوقهن.
ولم تكفّْ أنيسة نجار عن إغنائنا بالأمثولات طوال حياتها. وآخر هذه الأمثولات التي تجعل منها قدوة لأجيال وأجيال، تخطِّيها ما يفرضه تعاقب السنين من إحساس بعدم القدرة على تقديم المزيد، ونظرة اجتماعية محبطة للمسنين، ومقيِّدة لإمكاناتهم الكبيرة التي يمكن أن تثري المجتمع بالخبرة والحكمة.
ولعل إصدارها كتاباً حول محو أمية العقل وهي على مشارف التسعين، هو الرسالة الأنصع عن قدرة العقل نفسه على التألق في كلِّ مراحل الحياة، وخصوصاً مع تراكم النضج والدروس والثقافة في عمرنا المتقدِّم.
ولا شك عندي أن أنيسة موجودة اليوم هنا لتؤكد أنها ما زالت تحبُّ الاحتفاء بالحياة، وأن كلَّ لحظة من عمرنا تستحقُّ أن تُعاش بأفضل ما نملكه من ايمان وشغف وفرح.
أيتها السيدة الجليلة أنيسة روضة نجار،
أودُّ أن أكفَّ عن الكلام عنكِ، لأتكلم معك وأنت تحملين على كتفيك قرناً من حياة كثيفة، عشتها، وما زلت، باندفاع في النشاط من أجل المرأة، والتنمية، والحرية، والسلام.
إن لبنان يكبر بك، كلما أضاف الله على عمرك يوماً جديداً.
ومهما بادرنا وفعلنا، كمسؤولين في القطاع العام أو في القطاع الأهلي، من أجل أعلام هذا الوطن، فلن نفيهم حقَّهم. لأن بأمثالك، يعيش لبنان رسالته، وتُشرِق حضارته في جميع بقاع الأرض.
بأمثالك يتحوَّل السلام إلى قدر لشعب صهرته المحن والآلام على مرِّ الحقب والعصور.
بأمثالك يا أنيسة، يكبر الأمل في قلوبنا، وتشتدُّ عزائمنا في خدمة بلدنا، ويقوى الضوء على العتمة.
ومع كلِّ الأوسمة التي مُنحت لك، والدروع التي حزت عليها، والتكريم الذي نلته في لبنان والخارج، ما زلت تستحقين المزيد.
ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن أقدِّم لكِ القليل من هذا المزيد.
لذا، يسرُّني ختاماً أن أقلِّدك وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور، الذي منحك إياه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، تقديراً لحياتك المضيئة، ومسيرة ريادتك النسائية التي تلهمنا جميعاً، وأن أنقل إليك تحيات فخامته ومحبته الكبيرة.
مع كلِّ تمنياتي القلبية بأن يحفظ الله عزمك وقواك لتواكبي مسيرة نهوض لبنان، وإشراق الأمل والخير في قلوب اللبنانيين من جديد. وشكراً لكم.