حضور السيدة سليمان حفل تكريم الاعلاميين اللبنانيين
دعت اللبنانية الاولى السيدة وفاء سليمان الى "التمسك بشرعة العمل الاعلامي وأخلاقياته، في وطن يحتاج إلى جهودنا جميعاً للحفاظ على صيغة التوافق والعيش المشترك التي قام عليها، والتي تجعل منه نموذجاً للحوار بين الثقافات والتوجهات الفكرية والحضارية والدينية المختلفة، في عالم يتجاذبه الانغلاق والحذر من الآخر، وصولاً إلى التطرف والنزعة إلى إلغاء ثراء الاختلاف بين البشر".
كلام السيدة الاولى رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية جاء في خلال حفل تكريم الاعلاميين اللبنانيين، الذي دعت اليه الهيئة بمناسبة ذكرى شهداء الصحافة في مطعم "لو ميون" في بيروت.
وحضر حفل التكريم وزير الاعلام رمزي جريج، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، نقيب المحررين الياس عون، نائب رئيس مجلس الوطني للاعلام ابراهيم عوض وعدد من المسؤولين في المؤسسات الاعلامية.
وألقت في المناسبة رئيسة لجنة العلاقات العامة والاعلام في الهيئة الأميرة حياة ارسلان كلمة أكدت فيها "ان تكريم الهيئة الوطنية الصحافيين بيومهم هو دعوة لاعتماد الكلمة بنفس الايمان حتى لو أدّى الى الشهادة والاقلاع عن اللجوء الى العنف وسيلة اقناع أو انتصار لحق".
أما نقيب الصحافة محمد البعلبكي فقد شكر اللبنانية الاولى على هذا التكريم. وأكد ان الصحافة ستستمر في رسالتها حتى الشهادة. وأضاف تمسك الصحافة بالحق والحقيقة. وأشاد البعلبكي بعهد الرئيس ميشال سليمان.
كلمة السيدة سليمان
وألقت السيدة سليمان كلمة جاء فيها:
أيتها الإعلاميات
أيها الإعلاميون والحضور الكريم،
إنه لقاء محبة وتقدير في اليوم العالمي للصحافة، لرسالة ما زلتم تحملونها مسؤولية وشرفاً في عملكم، وضمائركم، وتضحياتكم، تؤكدون من خلالها ريادة لبنان في الحقل الإعلامي منذ أكثر من قرن ونصف، وأنكم صوت الناس، ومرآة الأحداث والواقع، والساعون إلى سيادة الحق وسط تقلبات الأزمات ووطأة الإغراءات والترغيب والترهيب.
من بينكم، سقط شهداء على مرِّ تاريخ النضال في وطننا، وفي عزِّ فوضى الحروب والنزاعات المسلحة.
وبينكم من وقف سيفاً مسلطاً في وجه الجور، أو الاستخفاف بعقول الناس وكراماتهم، فجعل من السلطة الرابعة، أداة رقابة على انحراف سلطة، أو تهاون في مسؤولية وطنية، أو تغاض عن مصالح الناس وحقوقهم.
هذا هو مثال الإعلام الحقِّ الذي ننشده على الدوام في لبنان، حتى إذا اشتدت الأزمات والرياح من الداخل والخارج على وطننا، يظلُّ هو الضوء والمرشد إلى ميناء الأمان والانفتاح واحترام خصوصية لبنان وقيمه والمبادئ الملهِمة التي نشأ عليها.
ندرك جميعاً أن المدَّ اللامحدود لوسائل التواصل الحديثة والالكترونية، أسقط كل حدود أمام تناقل الأخبار والمعلومات، وأوجد ساحة جديدة للاطلاع والإعلام خارج نطاق المؤسسات الإعلامية بفروعها المكتوبة والمسموعة والمرئية. وإن كان بإمكان إنسان اليوم أن يتحوَّل إلى مصدر إعلامي وأداة لانتشار الأخبار، فهذا يحتِّم عليكم أنتم بالذات، مسؤولية أكبر في فرز الغثِّ والسمين وسط تدفق المعلومات وتسييسها وإخضاعها لميول مطلقيها ورغباتهم.
وبات التمسُّك بشرعة العمل الإعلامي وأخلاقياته، أكثر إلحاحاً من أيِّ وقت مضى، في وطن يحتاج إلى جهودنا جميعاً للحفاظ على صيغة التوافق والعيش المشترك التي قام عليها، والتي تجعل منه نموذجاً للحوار بين الثقافات والتوجهات الفكرية والحضارية والدينية المختلفة، في عالم يتجاذبه الانغلاق والحذر من الآخر، وصولاً إلى التطرف والنزعة إلى إلغاء ثراء الاختلاف بين البشر.
إن أيَّ لبناني يحتاج إلى أقلامكم وأصواتكم، لتصويب مسار مجريات الواقع، ودعم حقِّه بالعيش الكريم والآمن، والدفاع عن قضاياه الكبرى في الاقتصاد، والبيئة، وفرص العمل، والحفاظ على المال العام، وتطوير إدارات الدولة، ودفع لبنان إلى أرقى مراتب الحضارة والتقدم.
هذا ما يستحقُّه شعبنا المميَّز بفرادة مواهبه، وغنى ثقافته، وإرثه الانساني. ولكم أنتم أن تكونوا خير حملة لمشعل التطور والعصرنة.
أيها الحضور الكريم،
لا بدَّ لي أن أغتنم فرصة هذا اللقاء، لأعرب لكم عن شكري على دعم الإعلام لقضايا المرأة على وجه الخصوص، ومشاكلها ومسيرة نضالها، ولأدعوكم إلى المثابرة في مواكبة هذه المسيرة وتبني تطلعات المرأة في لبنان، إلى مزيد من المساواة والحقوق. وشكري لكم أيضاً على حضوركم في مختلف النشاطات التي اضطلعتُ بها في السنوات الأخيرة في الحقول الاجتماعية، والصحية، والانسانية، وخصوصاً عبر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. فأيُّ قضية، مهما كانت سامية، تحتاج إلى تحفيز الناس والاضاءة عليها، لتلقى الاهتمام المطلوب وتسلك درب النجاح. ومَن غير الإعلام الملتزم بإمكانه المساهمة في تحقيق هذه الأهداف النبيلة؟
وبفضل هذا الدعم، كان للهيئة أن تعتز بالعديد من انجازاتها وجهودها على مدى السنوات الماضية، وأذكر منها على سبيل المثال، إطلاق حملة " وين بعدنا " لإزالة كامل مواضع التمييز الاجتماعي والاقتصادي ضد المرأة في القوانين اللبنانية، حيث وضعنا أربعة عشر اقتراح او مشروع قانون تقدمنا بها إلى مجلس النواب أو المراجع الرسمية المختصة. وآخر ما تحقق منها، كما تعلمون، هو إقرار الهيئة العامة للمجلس رفع إجازة الأمومة إلى عشرة أسابيع.
وفي الختام، أتمنى أن تظلوا دائماً كلمة حق واستقامة في خدمة وطن يضرب جذوره في أعماق حضارة الانفتاح والحرية، وينهض بأبنائه صوب مستقبل مصنوع على قياس أحلامهم والطموحات.
وشكراً لكم.