حكومة التحديات الكبيرة والعودة إلى اتفاق الطائف
حكومة التحديات الكبيرة والعودة إلى اتفاق الطائف
بشارة خيرالله
استبشر الشعب اللبناني خيرًا بولادة الحكومة، وهي العنوان الأول لانتظام الحياة السياسية الدستورية بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، فيما تشخص الأنظار اليوم إلى البيان الوزاري المنتظر، وهو مشروع الحكومة حتى الانتخابات النيابية القادمة في ربيع 2026.
من يتابع تفاصيل التركيبة الحكومية يكتشف أن الهم الأول لمن شكّلها، كان عدم إعطاء أي فريق الثلث المعطِّل، وعدم السماح لأي فئة مذهبية التلطي خلف الميثاقية المزيفة كلّما شعرت ان أوامرها لن تُطاع.
ولهذا السبب وليس لأي سبب أخر، تم إبعاد "التيار الوطني الحر" وتيار "المرده" عن التشكيلة الحكومية، ما ضمن عدم إعطاء أي فرصة للثنائي لتكوين تكتل وزاري مُعطِّل، علمًا ان "التيار الوطني الحر" أعلن مرارًا وتكرارًا على لسان رئيسه النائب جبران باسيل ان تحالفه مع "حزب الله" أصبح من الماضي، لكن مبدأ "الحيطة والحذر" دفع برئيس الحكومة السفير نواف سلام إلى أخذ كل الاحتياطات، لدرجة إعطاء حقيبة واحدة لحزب "الطاشناق" وإسناد الثانية للأقليات ومن حصة "القوات اللبنانية".
وأيضًا عند التدقيق في كيفية اختيار وزراء "الثنائي"، يتبين أن نصفهم على الأقل، يحمل الجنسية الأميركية ولديه مصالح كبيرة مع الأميركيين وليس بالأمر السهل على أي وزير أن يضحي بعلاقاته الأميركية كرمى عيون "حزب الله"، من وزير المالية ياسين جابر إلى الوزيرين الجديدين محمد حيدر وركان ناصر الدين.
إذًا، ليس هناك من مبرر لاعتماد صيغة "الثلاثية الذهبية"، (جيش وشعب ومقاومة)، وهي الصيغة التي اعتمدتها حكومة فؤاد السنيورة بعد اتفاق الدوحة، قبل أن ينزع عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الغطاء الرسمي ويصفها بالخشبية، مفتتحًا مرحلة المواجهة مع "حزب الله"، كأول وأرفع مرجع رسمي يتجرأ على مواجهة آلة "سياسية – عسكرية – جماهيرية" بهذا الحجم، حاملًا بيده الدستور وبيده الأخرى "مطرقة زجاجية كريستال" يضرب فيها بثبات يصيب الهدف من دون أن يكسُر أو يُكسَر.
والمأمول اليوم من الحكومة شطب "الثلاثية الخشبية" وعدم القبول بأي تحايل على اللغة العربية، لأن خطاب القَسَم الذي تلاه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بعيد انتخابه، أعاد الأمل وأعطى جرعة أوكسيجين لإتفاق الطائف، ويجب أن يكون المنطلق لبيان وزاري يضع لبنان على سكة العودة إلى روح الدستور.
التحديات كبيرة وكثيرة من ترميم علاقة لبنان بالخارج، إلى تنفيذ الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، إلى إعادة الإعمار، إلى ضبط الحدود مع سوريا، إلى الحفاظ على أموال المودعين إلى إجراء التعيينات في المراكز الشاغرة، إلى الانتخابات البلدية والاختيارية ثم النيابية في موعدها، إلى إعادة تأهيل وتشغيل مطار الرئيس رينيه معوض..
تبقى العبرة في التنفيذ.