بمثل قرار مقاطعة الجلسات الاربع والثلاثين الماضية، سيقاطع نواب كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل التغيير والاصلاح الجلسة الخامسة والثلاثين في 8 شباط المقبل ، استنادا الى المتجمّع من معطيات في الافق السياسي. بيد أن اوساطا سياسية مطلعة في فريق 14 اذار تؤكد ان عدم تبدّل بانوراما الجلسات الانتخابية لا يعني ان ما قبل 8 شباط يشبه ما بعده. فحجج التعطيل التي رفعها هذا الفريق حتى الامس القريب لم تعد مجدية، ما دامت قوى 14 آذار "منحت طوعا شرف لقب رئيس الجمهورية لمرشحَي 8 اذار" في ما تصفه الاوساط بـ"ضربة معلم"، ليس من زاوية التنازل عن الرئاسة والتداعيات التي خلّفها على مستوى العلاقات الداخلية بين المكونات، بل لجهة وضع الامور في نصابها وكشف الحقائق من دون ترك مجال للشك في النيات المبيتة لدى ارباب هذا الفريق وتحديدا حزب الله الذي، على ما تقول الاوساط لا يريد رئاسة ولا رئيسا الا من ضمن رزمة شروط تحفظ له الموقع والقرار والسلطة وبعبارة أبلغ، رئيسا تكون قيادة الحزب المرشد الاعلى في قراراته.
وتضيف ان عدم مشاركة فريق "المقاطعين" في جلسة 8 شباط بعد "مصالحة معراب" و"تسوية باريس" لا يمكن ان تندرج الا تحت خانة محاولة تغيير النهج الديموقراطي المكرّس دستوريا، لجهة اشتراط انسحاب جميع المرشحين لمصلحة رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون وفرض التزكية، ومحاولة نبش ذرائع جديدة تتيح للحزب استمرار مسلسل التعطيل ، بعدما انتفت كل الحجج السابقة مع حصر الترشيحات بعون والنائب سليمان فرنجية.
وليست دعوة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله سائر القوى السياسية الى التفاهم سوى الوجه الآخر للسّلة التي تجاهلها او حاول اعتبارها غير موجودة بعدما كان وضعها اساسا للتوافق على الرئاسة في خطاب سابق، اذ تعتبر الاوساط ان الحزب يريد التفاهم على مجموعة استحقاقات، بعيدا من الرئاسة التي لم تعد مدرجة في اجندة اهتماماته ما دامت تكرست لفريقه ومشروعه السياسيين، تتصل بصلاحيات رئيس الحكومة وتثبيت مواقع وزارية للطائفة الشيعية تؤمن من خلالها محاصرة القرارات الحكومية والتحكّم بمجلس الوزراء، جدول اعمال وقرارات.
لكنّ الاوساط تقول في هذا المجال، ان الحزب وان كان غير مهتم بالرئاسة لكونها تفصيلا في برنامجه ، يريد ايصال مرشح "مطواع"، بمعنى انه يمكن ان يملي عليه قراراته ويقدم له ضمانات تتعلق بممنوعات لا مجال لتناولها طوال ولايته الرئاسية تتلخص بـ: منع التداول بسلاح المقاومة او فتح حوارات حول مصيره، منع النقاش في الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، منع المس بثلاثية " الجيش والشعب والمقاومة" ، منع فتح سجلات "النأي بالنفس" والحياد وما شابه من مضمون "اعلان بعبدا". اضافة، تتابع الاوساط يتطلع الحزب من الرئيس العتيد اذا ما انتخب قبل اقرار قانون الانتخاب، باعتبار ان رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا الى احترام حق الرئيس في ابداء الرأي بالقانون الانتخابي، الى ان يوافق على قانون يقزّم حجم قوى 14 اذار وتحديدا تيار المستقبل لمنعه من التحكّم بالمسرح البرلماني في المرحلة المقبلة التي تشهد انقلابات وتغييرات جذرية على مستوى المنطقة عموما.