طبع عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بميزات متعددة تظهرها مسيرته في الحكم والتي تتجلّى في أبرز محطاتها بين دفتي هذا الكتاب التوثيقي، إلاّ أنّا ما يسجّل في سني الولاية الرئاسية الست هو الإلتزام التام بما يتضمّنه خطاب القسم من رؤية وخطّة متكاملة بأبعادها الدّاخلية والعربيّة والدوليّة والسعي الدؤوب لتحقيقها. والتمسك بالدستور اللبناني نصاً وروحاً ووفقاً لما تعاهد عليه اللبنانيون في ميثاقهم الوطني بإعتباره الحصن المنيع أمام الأخطار التي قد تهدّد الصيغة اللبنانية.
ومع تطوّر الأوضاع والمراحل، كانت المسؤوليات كما التحدّيات تتزايد وتتعاظم، وليس غلواً القول أن النصف الثاني من ولاية الرئيس ميشال سليمان شهد لخطر مرحلة من تاريخ لبنان الحديث، بعدما صار الخطر متعدّد الأبواب والمسارات، وأضيفت على الخطر الإسرائيلي، صعوبات جمّة تمثّلت في الحراك الذي شهده معظم العالم العربي، حيث تغيّرت خرائط (السودان) وتبدّلت أنظمة حكم(من مصر إلى ليبيا وتونس وصولاً إلى اليمن)وتواصلت الإضطرابات في العراق ، كما شكّل الملف الكيميائي السوري والملف النووي الإيراني نقطة تحوّل إمّا بإتجاه ذهاب المنطقة إلى الحرب أو نحو الحل السياسي. ولعب لبنان عبر الرئاسة الأولى دوراً محفّزاً على الدفع باتجاه اعتماد الحوار، وبرز الإرهاب العابر للحدود والمنتشر في كل أصقاع الأرض كعدو يتهدّد الشعوب والدول، ممّا طرح مجدّداً وبقوة مسألة الجهد الدولي المتكامل والمتضامن لمكافحة هذا الإرهاب بكل أشكاله.
إنّما الهم الأكبر الذي واجهه لبنان ولم يزل، بقي الخشية المتعاظمة من تداعيات الحرب السوريّة التي أخذت منحى دموياً وتدميرياً خطيراً، وشهدت انخراط فرقاء لبنانيين في آتون هذا الصراع، ممّا رفع منسوب الأخطار، فترجمت أحداثاً أمنية متنقّلة في الداخل تطوّرت لتتحوّل الى عمليات إرهابية تفجيريّة وانتحاريّة لم تميّز بين منطقة وأخرى، وطالت المدنيين الأمنيين والأسواق التجاريّة والمراكز الدينيّة والبعثات الديبلوماسية.